الثلاثاء، 8 أكتوبر 2013
1:13 ص

بيان تطور الجن وتشكلهم


ولا شك ان الجن يتطورون ويتشكلون في صور الإنس والبهائم فيتصورون في صور الحيات والعقارب وفي صور الإبل والبقر والغنم والخيل والبغال والحمير وفي صور الطير وفي صور بني آدم كما أتى الشيطان قريشا في صورة سراقة بن مالك بن جعشم لما أرادوا الخروج إلى بدر قال الله تعالى “ وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب “

وكما روى أنه تصور في صورة شيخ نجدي لما اجتمعوا بدار الندوة للتشاور في أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - هل يقتلوه أو يحبسوه أو يخرجوك كما قال الله تعالى “ وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين “ وروى الترمذي والنسائي في اليوم والليلة من حديث صيفي مولى أبي السائب عن أبي سعيد الخدري يرفعه أن بالمدينة نفرا من الجن قد أسلموا فإذا رأيتم من هذه الهوام شيئا فأذنوه ثلاثا فإن بدا لكم فاقتلوه
فصل قال القاضي ابو يعلى ولا قدرة للشياطين على تغيير خلقهم والانتقال في الصور وإنما يجوز أن يعلمهم الله تعالى كلمات وضربا من ضروب الأفعال إذا فعله وتكلم به نقله الله تعالى من صورة إلى صورة فيقال إنه قادر على التصوير والتخييل على معنى أنه قادر على قول إذا قاله وفعله نقله الله تعالى عن صورته إلى صورة أخرى يجري العادة وأما أنه يصور نفسه فذلك محال لأن انتقالها من صورة إلى صورة إنما يكون بنقض البنية وتفريق الأجزاء وإذا انتقضت بطلت الحياة واستحال وقوع الفعل من الجملة وكيف تنقل نفسها القول في تشكيل الملائكة مثل ذلك قال والذي روى أن إبليس تصور في صورة سراقة بن مالك وأن جبريل تمثل في صورة دحية وقوله تعالى “ فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا “ محمول على ما ذكرنا وهو أنه أقدره الله تعالى على قول قاله فنقله الله تعالى من صورته إلى صورة أخرى قلت روى أبو بكر بن ابي الدنيا في كتاب مكايد الشيطان فقال حدثنا ابو خيثمة حدثنا هشيم عن الشيباني عن يسير بن عمرو قال ذكرنا الغيلان عند عمر فقال إن أحدا لا يستطيع أن يتغير عن صورته التي خلقه الله تعالى عليه ولكن لهم سحرة كسحرتكم فإذا رأيتم ذلك فأذنوا.

حدثنا محمد بن يزيد الآدمي حدثنا معن بن عيسى عن جرير بن حازم عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الغيلان قال هم سحرة الجن ورواه ابراهيم بن هراثة عن جرير بن حازم عن عبد الله بن عبيد عن جابر ووصله.
حدثنا محمد بن إدريس حدثنا أحمد بن يونس حدثنا أبو شهاب عن يونس عن الحسن عن سعد بن أبي وقاص قال أمرنا إذا رأينا الغول أن ننادي بالصلاة ، وقال أبو بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي حدثنا أحمد ابن بكار بن أبي ميمونة حدثنا غياث عن خصيف عن مجاهد قال كان الشيطان لا يزال يتزين لي إذا قمت إلى الصلاة في صورة ابن عباس قال فذكرت قول ابن عباس فجعلت عندي سكينا فتزين لي فحملت عليه فطعنته فوقع وله وجبة فلم أره بعد ذلك وذكر العتبي أن ابن الزبير رأى رجلا طوله شبران على بردعة رحله فقال ما أنت قال إزب قال وما إزب قال رجل من الجن فضربه على رأسه بعود السوط حتى ناص أي هرب “ إزب بكسر الهمزة وإسكان الزاي وقد قال كثير من الناس إن الملائكة والجن إنما توصف بأنها قادرة على التمثل والتصور على معنى أنها تقدر على تخييل وفعل ما يتوهم عنده انتقالها عن صورها فيدرك الراؤون ذلك تخييلا ويظنون أن المرائي ملك أو شيطان وإنما ذلك خيالات واعتقادات يفعلها الله تعالى عند فعل البشر للناظرين فأما أن ينتقل أحد من صورته على الحقيقة إلى غيرها فذلك محال .

فصل قد قدمنا أن مذهب المعتزلة أن الجن أجسام رقاق ولرقتها لا نراها وعندهم يجوز أن يكثف الله اجسام الجن في زمان الانبياء دون غيره من الازمنة وأن يقويهم بخلاف ما هم عليه في غير أزمانهم قال القاضي عبد الجبار ويدل على ذلك ما في القرآن الكريم من قوله تعالى في قصة سليمان بن داود عليهما السلام إنه كثفهم له حتى كان الناس يرونهم وقواهم حتى كانوا يعملون له الاعمال الشاقة من المحاريب والتماثيل والجفان والقدور الراسيات والمقرن في الاصفاد لا يكون إلا جسما كثيفا ثم قال بعد ذلك وأما أقداره إياهم وتكثيف أجسامهم في غير أزمان الانبياء فإنه غير جائز لأن ذلك يؤدي إلى أن يكون نقضا للعادة قال أبو القاسم بن عساكر في كتاب سبب الزهادة في الشهادة وممن ترد شهادته ولا تسلم له عدالته من يزعم أنه يرى الجن عيانا ويدعي أن له منهم إخوانا كتب إلى أبو علي الحسن بن أحمد الحداد من أصبهان أخبرني أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ حدثنا محمد بن عبد الرحمن التستري حدثنا يحيى بن أيوب العلاف سمعت بعض اصحابنا قال التستري أظنه حرمله سمعت الشافعي يقول من زعم أنه يرى الجن أبطلنا شهادته لقول الله تعالى في كتابه الكريم “ إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم “ وأنبأني محمد بن الفضل الفقيه عن أحمد بن الحسن الحافظ أنا أبو عبد الرحمن السلمي أنبأنا الحسن بن رشيق إجازة قال أنا عبد الرحمن بن احمد الهروي سمعت الربيع بن سليمان يقول سمعت الشافعي يقول من زعم من أهل العدالة أنه يرى الجن أبطلت شهادته لأن الله تعالى يقول “ إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم “ إلا أن يكون نبيا
.

فصل قال ابو القاسم الأنصاري في المقنع في شرح الإرشاد واعلم أن الله تعالى باين بين الملائكة والجن والإنس في الصور والأشكال كما باين بينهما في الصفات فمن حصل على بنية الإنسان ظاهرا أو باطنا فهو إنسان والإنسان اسم لهذه الجملة التي نشاهدها كما قال سبحانه “ ولقد خلقنا الإنسان من سلالة “ الآية قال أهل التفسير خلقنا فيه الروح والحياة وقال تعالى “ إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه “ الآية وقال تعالى “ قتل الإنسان ما أكفره من أي شيء خلقه من نطفة خلقه فقدره ثم السبيل يسره ثم أماته فأقبره ثم إذا شاء أنشره “ وهذه الآيات وأمثالها تدل على بطلان قول من قال الإنسان هو الروح بأن الروح لم تخلق من الطين ولا بد من النطفة وأنها لا تموت على زعم قائله ولا تقبر ولا تنشر فإن قلب الله تعالى الملك إلى بنية الإنسان ظاهرا وباطنا خرج عن كونه ملكا وكذلك لو قلب الشيطان إلى بنية الإنسان لخرج بذلك عن كونه شيطانا ومن الناس من قال لو قلب الشيطان أو الملك إلى صورة الإنسان ظاهرا صار إنسانا. ومن مسخ من بني إسرائيل قردة هل خرجوا عن كونهم ناسا بالمسخ وقلب الصورة الظاهر أنه يخرج على القولين ومما يدل على أن صورة الملك مخالفة لصورة الإنسان قوله تعالى “ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا “ أي جعلناه على صورة البشر ظاهرا والله تعالى أعلم

0 التعليقات:

إرسال تعليق