الثلاثاء، 8 أكتوبر 2013
12:53 ص

مقدم في عالم الجن

الحمد لله خالق الإنس والجنة وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تكون لمن تدرع بها أوقى جنه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى الجنة - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أولى البأس والنجدة صلاة يعظم بها عليهم المنة وسلم تسليما كثيرا يقوم بالفرض والسنة كما علم الصلاة والسلام عليه وأسنه وبعد فهذا كتاب جامع لذكر الجن وأخبارهم وما يتعلق بأحكامهم وآثارهم وكان السبب في تصنيفه ونسخه على هذا المنوال الغريب وترصيفه مذاكرة وقعت في مسألة نكاح الجن وإمكانه ووقوعه وضاق المجلس عن تقريرها وتحقيق المباحث فيها وتحريرها ثم رأيت أن هذه المسألة تقتضي مقدمات الأولى تقرير وجود الجن خلافا لكثير من الفلاسفة وجماهير القدرية وكافة الزنادقة وغيرهم وفساد قول من أنكر وجودهم الثانية تقرير أن لهم أجساما مشخصة رقيقة أو كثيفة تتطور وتتشكل في صور شتى ليمكن الوقاع ويتأتى لأنه إنما يتصور بين جسمين مماسين ويتفرع على هذا ذكر تحيزهم وأكلهم وشربهم وتناكحهم فيما بينهم لأن جسم الحي لا بد له من تحيز وتناول ما هو سبب لنموه وبقائه وبقاء جنسه بالتوالد الثالثة بيان تكليفهم خلافا للحشوية وذلك لأن من جوز النكاح بين الإنس والجن أما أن يشترط في نسائهم الإيمان أو أن يكن من أهل الكتاب لأن ما اشترط في حل النساء الآدميات أولى أن يشترط في الجنيات لأن القائل بجواز نكاحهم لا يفرق ويتفرع على ذلك ذكر بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم وقبل بعثته إليهم بماذا كانوا مكلفين هل بعث إليهم نبي منهم كما يقوله الضحاك وغيره وقطع به أبو محمد بن حزم أو كان فهم نذر منهم ليسوا رسلا عن الله تعالى ولكن بثهم الله تعالى في الأرض فسمعوا كلام رسل الله عز وجل الذين هم من بني آدم وعادوا إلى قومهم من الجن فأنذروهم وهذا قول جماهير العلماء من السلف والخلف وهذا كما سمع النفر من الجن القرآن من النبي - صلى الله عليه وسلم - وعادوا إلى قومهم فقالوا انا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى وكان هذا قبل دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - إياهم واجتماعهم به ويتفرع على تكليفهم ثوابهم على الطاعة وعقابهم على المعصية ودخول كافرهم النار ومؤمنهم الجنة عند بعض العلماء ويتفرع على كل مقدمة مسائل تتأتى وتتفتح لها أبواب شتى يتشبث بعضها بأذيال بعض وينخرط في عقد سلكها درر لا يكاد نظمها ينفض ويستطرد في غضون ذلك نكت وأخبار وعيون وأحاديث مروية عنهم لا تنتهي ولحديث الجن شجون فاستخرت الله في إبراز هذا التصنيف وإحراز كثير مما ورد عنهم في هذا التأليف وجعلته جامعا لمهم أحكامهم حاويا لأحوالهم في رحلتهم ومقامهم رافعا لستورهم دافعا لما يتطورون عليه من الكيد في صدورهم كاشفا لضمائرهم كاشفا لمناورهم ورتبت على كل مقطع بوابا وفتحت لكل مطلع بابا وضمنته مائة وأربعين بابا وقد يزيد على ذلك بما ينخرط في هذه المسالك من التوابع التي يتعين إيرادها والفصول التي لا يحسن إفرادها وسميته آكام المرجان في أحكام الجان وبالله استعيذ من الشياطين ونزعاتهم وبه استعين على مردة الجن وطغاتهم وبقدرته أدفع سطوة شرورهم وبعزته أدرأ في نحورهم وبذكره أتحصن من كيدهم وبقوته أوهن ما قوى من أيديهم هو حسبي ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
رسالة أحدث
السابق
هذا آخر موضوع.

0 التعليقات:

إرسال تعليق